ابن الاثير المدير العام
الادارة عدد الرسائل : 1556 العمر : 59 الموقع : aziz22.ahlamontada.com تاريخ التسجيل : 16/05/2008
| موضوع: ////////////// من صبر العلماء //////////// الخميس يونيو 05, 2008 10:12 am | |
| من صبر العلماء ...
--------------------------------------------------------------------------------
تسفي الريـح على وجهـه الـتراب مـن أجـل الحـديث
صبر العلماء على طلب العلم وتحصيله أنواع منوعة لا يقضى منه العجب ، ولذة سماعه ألذ من الشَّهْدِ والضَّرَبِ ، وكيف لا وهو أحد ركني الإمامة في الدين : (( بالصبر واليقين ؛ تنال الإمامة فـي الدين )).
فمن ذلك : الصبر على الرحلة والغربة ومشاق الطريق وآفاته :
يَا غَـرِيباً يَطلُـبُ العِلْـمَ اصْطَـبِرْ إِنَّ مُـبْدِي العِلْـمَ مِـنْ قَـبْلُ غُـرُبْ
فهذا موسى كليم الله عليه السلام وهو النبي المرسل ، على ما له من مكانة عند الله يرحل في طلب العلم ويجد من المشقة والتعب ما قال معه : { لَقَدْ لَقِيْنَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً }(1): ويصبر نفسه لذلك ، وكيف لا وهو من أولي العزم من الرسل حتى أدرك بغيته ووجد ضالته ؛ فمزج مرارة الصبر على مشقة الرحلة والسفر بحلاوة : (( ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ )).
ومن ذلك : الصبر على ألم التحصيل وجفاء المعلم : قال موفق الدين البغدادي : (( . . . ومن لم يعرق جبينه إلى أبواب العلماء ؛ لم يعرق في الفضيلة ، ومن لم يخجلوه لم يبجله الناس ، ومن لم يبكتوه لم يسد ، ومن لم يحتمل ألم التعلم لم يذق لذة العلم ، ومن لم يكدح لم يفلح ))(2). ومن ذلك : الصبر على الجوع والعطش :
قال النضر بن شميل رحمه الله : (( لا يجد الرجل لذة العلم حتى يجوع وينسى جوعه )).
جِـرِّعِ النَّفْـسَ عَلَى تَحْصِـيْلِهِ مَضَـضَ الْمُـرَّيْنِ ذُلٌّ وسَغَبْ
ومن ذلك : الصبر على السهر ، وترك النوم :
بِقَـدْرِ الكَـدِّ تُكْتَـسَبُ المَعَـالي وَمَنْ طَلَـبَ العُـلا سَهِـرَ اللَّـيَالي
تَرُومُ العِـزَّ ثم تَنَـامُ لَـيلاً يخُـوضُ البَحْـرَ مَـن طَلَـبَ اللآلي
إلى آخر ما هنالك من قائمة الصبر الطويلة من مكاره النفوس فَسُلَّمُ التعلم صعب لا يصعده إلا صُبْرُ الرجال فمن رام العلا سعى لها سعيها وَجَدَّ وَكَدَّ ، وإلا كان كما قيل :
وَمَـنْ رَامَ العُـلا مِـن غَـيرِ كَـدٍّ أَضَـاعَ العُمْـرَ فِي طَلَـبِ الْمُحَـالِ
وقد ضرب أئمتنا أروع المثل فلهم في كل نوع صبر نصيب ، فحازوا بذاك المعلى والرقيب ، ولولا أن الله حبب إليهم المكاره في طلب العلم ، وتحصيله ، وأيدهم بروح منه ما كان ليعرف للعلم شرف ، أو فضيلة أو كان ليكون للأنبياء ورثة . . . ، أو أن يكون للعلم حملة يحملونه ، فتركوا لنا بذلك أعظم الأثر وأطيبه ، وخير ما يرثه بشر عن بشر ، فلله عزائمهم ، ولله هممهم رحمهم الله ورضي عنهم.
فمن ذلك صبر ابن عباس حبر الأمة القائل : (( ذللت طالباً ، وعززت مطلوباً )) (3).
تسفي الريـاح على وجهـه الـتراب مـن أجـل الحـديث:
عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : (( لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا شَابٌّ ، قُلْتُ لِشَابٍّ مِنَ الْأَنْصَارِ : يَا فُلَانُ هَلُمَّ فَلْنَسْأَلْ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلْنَتَعَلَّمْ مِنْهُمْ ؛ فَإِنَّهُمْ كَثِيرٌ ، قَالَ : الْعَجَبُ لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَتَرَى أَنَّ النَّاسَ يَحْتَاجُونَ إِلَيْكَ وَفِي الْأَرْضِ مِنْ تَرَى مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(؟) قَالَ : فَتَرَكْتُ ذَلِكَ وَأَقْبَلْتُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ وَتَتَبُّعِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ كُنْتُ لَآتِي الرَّجُلَ فِي الْحَدِيثِ يَبْلُغُنِي أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَجِدُهُ قَائِلاً فَأَتَوَسَّدُ رِدَائِي عَلَى بَابِهِ تُسْفِي الرِّيحُ عَلَى وَجْهِي ـ ( مِنَ التُّرَابِ ) ـ حَتَّى يَخْرُجَ ، فَإِذَا خَرَجَ قَالَ : يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَكَ(؟) فَأَقُولُ : حَدِيثٌ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْكَ ، قَالَ : فَيَقُولُ : فَهَلَّا بَعَثْتَ إِلَيَّ حَتَّى آتِيَكَ ، فَأَقُولُ : أَنَا أَحَقُّ أَنْ آتِيَكَ فَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ بَعْدَ ذَلِكَ يَرَانِي وَقَدْ ذَهَبَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحْتَاجَ إِلَيَّ النَّاسُ فَيَقُولُ : كُنْتَ أَعْقَلَ مِنِّي )) (4). ـــــــــــــــــــ (1) سورة الكهف الآية : ( 62 ). (2) ابن أبي أصيبعة ( عيون الأنباء في طبقات الأطباء )( ص 643 ) ضبط وتصحيح محمد باسل. (3) ابن جماعة الكناني ( تذكرة السامع والمتكلم الباب الثالث/ في آداب المتعلم ، النوع الخامس )( ص 92 ) تحقيق وتعليق محمد هاشم الندوي. (4) ابن عبد البر ( جامع بيان العلم وفضله )( باب فضل التعلم في الصغر والحض عليه )( حديث رقم : 391 ) والخطيب البغدادي ( الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع )(باب أدب الاستئذان على المحدث )( حديث رقم : 216)، وابن حجر العسقلاني ( المطالب العالية )( كتاب المناقب)( فضل ابن عباس) حديث رقم : 4169). | |
|