شبكة ابن الاثير السلفية لا تنسى الصلاة في وقتها المفروضة كما لا يلهيك الابحار على الانترنت عن أداء صلاة الجماعة وجزاكم الله خيراً . |
|
| [أسماء الله غير مخلوقة] | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أمــــ الجبار ـــــة ادارية
عدد الرسائل : 121 العمر : 50 تاريخ التسجيل : 20/05/2008
| موضوع: [أسماء الله غير مخلوقة] الخميس يونيو 19, 2008 3:29 pm | |
| باسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
[size=21]قال عثمان بن سعيد الدارمي –نقمة الله على بشر المريسي وذويه -: باب الإيمان بأسماء الله تعالى وأنها غير مخلوقة. قال: ثم اعترض المعترض – يعني ابن الثلجي –أسماء الله تعالى المقدسة فذهب في تأويلها مذهب إمامه المريسي فادعى أن أسماء الله غير الله وأنها مستعارة مخلوقة كما أنه قد يكون شخص بلا اسم فتسميته لا تزيد في الشخص ولا تنقص, يعني الخبيث أن الله تعالى كان مجهولا كشخص مجهول لا يهتدى لاسمه ولا يدري ما هو حتى خلق الله الخلق فابتدعوا له أسماء من مخلوق كلامهم فأعاروه إياها من غير أن يعرف له اسم قبل الخلق, قال: ومن ادعى التأويل في أسماء الخلق, قال: ومن ادعى التأويل في أسماء الله فقد نسب الله تعالى إلى العجز والوهن والضرورة والحاجة إلى الخلق, لأن المستعير محتاج مضطر, والمعير أبدا أعلى منه وأغنى, ففي هذه الدعوى استجهال الخالق إذ كان بزعمه هملا لا يدري ما اسمه. والله المتعالي عن هذا الوصف المنزه عنه لأن أسماء الله تعالى هي تحقيق صفاته سواء عليك قلت عبدت الله أو عبدت الرحمن أو الرحيم أو الملك العزيز الحكيم, وسواء على الرجل قال كفرت بالله, أو قال كفرت بالرحمن الرحيم أو بالخالق العزيز الحكيم, وسواء عليك قلت عبد الله أو عبد الرحمن أو عبد العزيز أو عبد المجيد. وسواء عليك قلت ربي الله أو ربي الرحمن كما قال تعالى: {وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُون} (الصف/18) وقال تعالى: {سَبَّحَ لله مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْض} (الصف/1) وقال: {سَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا} (الأحزاب/42) كذلك قال في الاسم: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} كما قال تعالى: {يُسَبِّحُ لله} ولو كان الاسم مخلوقا مستعارا غير الله لم يأمر الله تعالى أي يسبح مخلوق غيره, وقال تعالى: {لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيم} (الحشر/24) ثم ذكر الآلهة التي تعبد من دون الله عز وجل بأسمائها المخلوقة المستعارة فقال تعالى: {إِنْ هِيَ إِلا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُم} (النجم/23) وكذلك قال هود لقومه حين قالوا: {أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ الله وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} (الأعراف/70) فقال لهم نبيهم: {أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُم} (الأعراف/71) يعني أن أسماء الله تعالى لم تزل كما لم يزل عز وجل وأنها بخلاف هذه الأسماء المخلوقة التي أعاروها للأصنام والآلهة التي عبدوها من دونه. فإن لم تكن أسماء الله بخلافها, فأي توبيخ لأسماء هذه الآلهة المخلوقة إذ كانت أسماؤها وأسماء الله تعالى مخلوقة مستعارة عندكم بمعنى واحد وكلها من تسمية العباد وتسمية آبائهم بزعمهم. ففي دعوى هذا المعارض أن الخلق عرفوا الله إلى عباده بأسماء ابتدعوها لا أن الله عرفهم بها نفسه, فأي تأويل أوحش في أسماء الله تعالى من أن يتأول رجل أنه كشخص مجهول أو بيت أو شجرة أو بهيمة لم يسبق لشئ منها اسم ولم يعرف ما هو حتى عرفه الخلق بعضهم بعضا, ولا تقاس أسماء الله تعالى بأسماء الخلق لأن أسماء الخلق مخلوقة مستعارة وليست أسماؤهم نفس صفاتهم بل مخالفة لصفاتهم, وأسماء الله تعالى صفاته ليس شيء منها لصفاته ولا شيء من صفاته مخالفا لأسمائه, فمن ادعى أن صفة الله مخلوقة أو مستعارة فقد كفر وفجر, لأنك إذا قلت الله فهو الله, وإذا قلت الرحمن فهو الرحمن وهو الله, فإذا قلت الرحيم فهو كذلك, وإذا قلت حكيم عليم حميد مجيد جبار متكبر قاهر قادر فهو كذلك, وهو الله سواء لا يخالف اسم له صفته ولا صفته اسما. وقد يسمى الرجل حكيما وهو جاهل, وحكما وهو ظالم, وعزيزا وهو حقير, وكريما وهو لئيم, وصالحا وهو طالح, وسعيدا وهو شقي, ومحمودا وهو مذموم, وحبيبا وهو بغيض, وأسدا وحمارا وكلبا وجديا وكليبا وهرا وحنظلة وعلقمة وليس كذلك. والله تعالى وتقدس اسمه كل أسمائه سواء لم يزل كذلك ولا يزال, لم تحدث له صفة ولا اسم لم يكن كذلك, كان خالقا قبل المخلوقين ورازقا قبل المرزوقين وعالما قبل المعلومين وسميعا قبل أن يسمع أصوات المخلوقين وبصيرا قبل أن يرى أعيانهم مخلوقة, قال الله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى} (طه/5) وقال: {الله الذِّي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْش} (السجدة/4) وقال في موضع: { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْش الرَّحْمَن} (الفرقان/59) لأنهما بمعنى واحد, ولو كان كما ادعى المعارض –يعني ابن الثلجي وإمامه المريسي- لكان الخالق والمخلوق استويا جميعا على العرش إذ كانت أسماؤه مخلوقة عندهم إذ كان الله في دعواهم في حد المجهول أكثر منه في حد المعروف لأن لحدوث الخلق حدا ووقتا وليس لأزلية الله تعالى حد ولا وقت لم يزل ولا يزال, وكذلك أسماؤه لم تزل ولا تزال. ثم احتج المعارض لترويج مذهبه هذا بأقبح قياس فقال: أرأيت لو كتبت اسما في رقعة ثم أحرقت الرقعة أليس إنما تحرق الرقعة ولا يضر الاسم شيئا. فيقال لهذا التافه الذي لا يدري ما يخرج من رأسه: إن الرقعة وكتابة الاسم ليس كنفس الاسم, وإذا أحرقت الرقعة احترق الخط وبقي اسم الله له وعلى لسان الكاتب لم يزل قبل أن يكتب لم تنقص النار الاسم ولا ممن له الاسم شيئا, وكذلك لو كانت أسماء المخلوقين لم تنقص النار من أسمائهم ولا من أجسامهم شيئا, وكذلك لو كتبت الله بهجائه في رقعة ثم أحرقت الرقعة لاحترقت الرقعة وكان الله سبحانه بكماله على عرشه, وكذلك لو صور رجل في رقعة ثم ألقيت في النار لاحترقت الرقعة ولم يضر المصور شيئا. وكذلك القرآن لو احترقت المصاحف كلها لم ينقص من القرآن نفسه حرف واحد, وكذلك لو احترق القراء كلهم أو قتلوا أو ماتوا لبقي القرآن بكامله كما كان لم ينقص منه حرف واحد لأنه منه بدا وإليه يعود عند فناء الخلق بكامله غير منقوص. وقد كان للمريسي في أسماء الله مذهب كمذهبه في القرآن, كان القرآن عنده مخلوقا من قول البشر لم يتكلم الله بحرف منه في دعواه, وكذلك أسماء الله تعالى عنده من ابتداع البشر من غير أن يقول تعالى: {إِنِّي أَنَا الله رَبُّ العَالَمِين} (القصص/30) بزعمه فقط, وزعم أني متى اعترفت بأن الله تعالى تكلم بـ { إِنِّي أَنَا الله رَبُّ العَالَمِين } لزمني أن أقول تكلم بالقرآن, ولو اعترفنا بذلك لا نكسر علينا مذهبنا في القرآن. وقد كسره الله عليهم على رغم أنوفهم فقال: { إِنِّي أَنَا الله رَبُّ العَالَمِين } ولا يستحق مخلوق أن يتكلم بهذا فإن فعل ذلك كان كافرا كفرعون الذي قال: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} (النازعات/24) فهذا الذي ادعوا في أسماء الله عز وجل أصل كبير من أصول الجهمية التي بنوا عليها محنتهم وأسسوا بها ضلالتهم وغالطوا بها الأغمار والسفهاء وهو يرون أنهم يغالطون بها الفقهاء, ولئن كان السفهاء وقعوا في غلط مذاهبهم فإن الفقهاء منهم لعلى يقين. أرأيتم قولكم إن أسماء الله مخلوقة, فمن خلقها ؟ وكيف خلقها ؟ أجعلها أجساما وصورا تشغل أعيانها أمكنة دونه من الأرض والسماء أم موضعا دونه الهواء ؟ فإن قلتم لها أجسام دونه فهذا ما تنقمه عقول العقلاء, وإن قلتم خلقها في ألسنة العباد فدعوه بها وأعاروها إياه فهو مما ادعينا عليكم أن الله تعالى كان بزعمكم مجهولا لا اسم له حتى أحدث الخلق فأحدثوا له أسماء من مخلوق كلامهم, فهذا هو الإلحاد في أسماء الله والتكذيب بها, قال الله تعالى: {الحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِين. الرَّحْمَنِ الرَّحِيم. مَالِكِ يَوْمِ الدِّين} (الفاتحة/2-4) كما يضيفه إلى رب العالمين, ولو كان كما ادعيتم لقيل الحمد لله رب العالمين. المسمى الرحمن الرحيم مالك يوم الدين, وكما قال: {الله لا إِلَهَ إِلا هُوَ الحَيُّ القَيُومُ نَزَّلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ بِالحَق} (آل عمران/2-3) كما قال: {تَنْزِيلُ الكِتَابِ مِنَ الله} (النصر/1) كذلك قال: {تَنْزِيلُ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم. تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيد}, {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى القُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيم}(النمل/6) كلها بمعنى واحد وكلها هي الله, والله هو أحد أسمائه – إلى أن قال- وكما قال تعالى في كتابه: { إِنِّي أَنَا الله رَبُّ العَالَمِين } كذلك قال على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ((أنا الرحمن)) ثم روى بسنده حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((قال الله تعالى: أنا الرحمن, وهي الرحم شققت لها من اسمي, فمن وصلها وصلته ومن قطعها بتته)) فيقول الله تعالى: ((أنا شققت لها من اسمي)) وادعت الجهمية مكذبين لله ولرسوله أنهم أعاروه الاسم الذي شقها منه. ومن أين علم الخلق أسماء الخالق قبل تعليمه إياهم فإنه لم يعلم آدم ولا الملائكة أسماء المخلوقين حتى علمهم الله تعالى من عنده وكان بدء علمها منه فقال تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى المَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاَءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِين. قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا ما عَلَّمْتَنَا إِنَك أَنْتَ العَلِيمُ الحَكِيم. قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُون} (البقرة 31/33) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إن لله تسعة وتسعين اسما ومن أحصاها دخل الجنة)) وساق الأسماء الحسنى كما قدمنا ثم قال: فهذه كلها أسماء الله تعالى لم تزل له كما لم يزل بأيها دعوت فإنما تدعو الله نفسه. قال: ولن يدخل الإيمان قلب رجل حتى يعلم أن الله تعالى لم يزل إلها واحدا بجميع أسمائه وجميع صفاته لم يحدث له منها شيء كما لم تزل وحدانيته . انتهى كلامه رحمه الله تعالى . | |
| | | أمــــ الجبار ـــــة ادارية
عدد الرسائل : 121 العمر : 50 تاريخ التسجيل : 20/05/2008
| موضوع: رد: [أسماء الله غير مخلوقة] الخميس يونيو 19, 2008 3:39 pm | |
| واختلف العلماء في معنى قوله صلى الله عليه وسلم ((من أحصاها)) فقال البخاري وغيره من المحققين: معناه حفظها وأن إحدى الروايتين مفسرة للأخرى . وقال الخطابي: يحتمل وجوها: أحدها: أن يعدها حتى يستوفيها, بمعنى أن لا يقتصر على بعضها فيدعو الله بها كلها ويثني عليه بجميعها فيستوجب الموعود عليها من الثواب وثانيها: المراد بالإحصاء الإطاقة, والمعنى من أطاق القيام بحق هذه الأسماء والعمل بمقتضاها وهو أن يعتبر معانيها فيلزم نفسه بموجبها فإذا قال: "الرزاق" وثق بالرزق وكذا سائر الأسماء. ثالثها: المراد بها الإحاطة بجميع معانيها, وقيل أحصاها عمل بها فإذا قال "الحكيم" سلم لجميع أوامره وأقداره وأنها جميعها على مقتضى الحكمة, وإذا قال: "القدوس" استحضر كونه مقدسا منزها عن جميع النقائص واختاره أبو الوفاء بن عقيل. وقال ابن بطال: طريق العمل بها أن ما كان يسوغ الاقتداء به كالرحيم والكريم فيمرن العبد نفسه على أن يصح له الاتصاف بها – يعني فيما يقوم به, وما كان يختص به نفسه كالجبار والعظيم فعلى العبد الإقرار بها والخضوع لها وعدم التحلي بصفة منها, وما كان فيه معنى الوعد يقف فيه عند الطمع والرغبة, وما كان فيه معنى الوعيد يقف منه عند الخشية والرهبة ا.هـ. والظاهر أن معنى حفظها وإحصائها هو معرفتها والقيام بعبوديتها كما أن القرآن لا ينفع حفظ ألفاظه من لا يعمل به, بل جاء في المراق من الدين أنهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم . وقال ابن القيم رحمه الله تعالى بعد كلام طويل على أولوية الله تعالى وما في ذلك الشهود من الغنى التام قال: وليس هذا مختصا بأولويته تعالى فقط بل جميع ما يبدو للقلوب من صفات الرب سبحانه يستغني العبد بها بقدر حظه وقسمه من معرفتها وقيامه بعبوديتها, فمن شهد مشهد علو الله تعالى على خلقه وفوقيته لعباده واستوائه على عرشه كما أخبر بها أعرف الخلق وأعلمهم به الصادق المصدوق وتعبد بمقتضى هذه الصفة, بحيث يصير لقلبه صمد يعرج إليه مناجيا له مطرقا واقفا بين يديه وقوف العبد الذليل بين يدي الملك العزيز, فيشعر بأن كلمه وعلمه صاعد إليه معروض عليه مع أوفى خاصته وأوليائه فيستحي أن يصعد إليه من كلمه ما يخزيه ويفضحه هناك, ويشهد نزول الأمر والمراسيم الإلهية إلى أقطار العوالم كل وقت بأنواع التدبير والتصرف من الإماتة والتولية والعزل والخفض والرفع والعطاء والمنع وكشف البلاء وإرساله وتقلب الدول ومداولة الأيام بين الناس إلى غير ذلك من التصرفات في المملكة التي لا يتصرف فيها سواه فمراسيمه نافذة فيها كما يشاء: {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي َيوْمٍ كَاَن مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّون} (السجدة/5) فمن أعطى هذا المشهد حقه معرفة وعبودية استغنى به. وكذلك من شهد مشهد العلم المحيط الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السموات ولا في قرار البحار ولا تحت أطباق الجبال بل أحاط بذلك علمه علما تفصيليا ثم تعبد بمقتضى هذا الشهود من حراسة خواطره وإراداته وجميع أحواله وعزماته وجوارحه علم أن حركاته الظاهرة والباطنة وخواطره وإراداته وجميع أحواله ظاهرة مكشوفة لديه علانية بادية لا يخفى عليه منها شيء. وكذلك إذا أشعر قلبه صفة سمعه سبحانه لأصوات عباده على اختلافها وجهرها وخفائها وسواء عنده من أسر القول ومن جهر به لا يشغله جهر من جهر عن سمعه صوت من أسر ولا يشغله سمع عن سمع ولا تغلطه الأصوات على كثرتها واختلافها واجتماعها بل هي عنده كلها كصوت واحد كما أن خلق الخلق جميعهم وبعثهم عنده بمنزلة نفس واحدة. وكذلك إذا شهد معنى اسمه البصير جل جلاله الذي يرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في حندس الظلماء ويرى تفاصيل خلق الذرة الصغيرة ومخها وعروقها ولحمها وحركتها ويرى مد البعوضة جناحها في ظلمة الليل وأعطى هذا المشهد حقه من العبودية بحرس حركاته وسكناته وتيقن أنها بمرأى منه سبحانه ومشاهدة لا يغيب عنه منها شيء. وكذلك إذا شهد مشهد القيومية الجامع لصفات الأفعال وأنه قائم على كل شيء وقائم على كل نفس بما كسبت, وأنه تعالى هو القائم بنفسه المقيم لغيره القائم عليه بتدبيره وربوبيته وقهره وإيصال جزاء المحسن وجزاء المسيء إليه وأنه بكمال قيوميته لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه, يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل لا تأخذه سنة ولا نوم ولا يضل ولا ينسى. وهذا المشهد من أرفع مشاهد العارفين وهو مشهد الربوبية وأعلى منه مشهد الألوهية الذي هو مشهد الرسل وأتباعهم الحنفاء وهو شهادة أن لا إله إلا الله وأن إلهية ما سواه باطل ومحال كما أن ربوبية ما سواه كذلك فلا أحد سواه يستحق أن يؤله ويعبد ويصلى له ويسجد ويستحق نهاية الحب مع نهاية الذل لكمال أسمائه وصفاته وأفعاله, فهو المطاع وحده على الحقيقة والمألوه وحده وله الحكم فكل عبودية لغيره باطلة وعناء وضلال وكل محبة لغيره عذاب لصاحبها وكل غنى بغيره فقر وفاقة, وكل عز بغيره ذل وصغار وكل تكثر بغيره قلة وذلة, فكما استحال أن يكون للخلق رب غيره فكذلك استحال أن يكون لهم إله غيره, فهو الذي انتهت إليه الرغبات وتوجهت نحوه الطلبات ويستحيل أن يكون معه إله آخر فإن الإله على الحقيقة هو الغني الصمد الكامل في أسمائه وصفاته الذي حاجة كل أحد إليه ولا حاجة به إلى أحد وقيام كل شيء به وليس قيامه بغيره – إلى أن قال – فمشهد الألوهية هو مشهد الحنفاء وهو مشهد جامع للأسماء والصفات وحظ العباد منه بحسب حظهم من معرفة الأسماء والصفات, ولذلك كان الاسم الدال على هذا المعنى هو اسم الله جل جلاله, فإن هذا الاسم هو الجامع, ولهذا تضاف الأسماء الحسنى كلها إليه فيقال الرحمن الرحيم العزيز الغفار القهار من أسماء الله, ولا يقال الله من أسماء الرحمن, قال الله تعالى: {وَلله الأَسْمَاءُ الحُسْنَى} فهذا المشهد تجتمع فيه المشاهد كلها وكل مشهد سواه فإنما هو مشهد لصفة من صفاته, فمن اتسع قلبه لمشهد الإلهية وقام بحقه من التعبد الذي هو كمال الحب مع كمال الذل والتعظيم والقيام بوظائف العبودية فقد تم له غناه بالإله الحق وصار من أغنى العباد مثل هذا يقول : غنيت بلا مال عن الناس كلهم وإن الغنى العالي عن الشئ لا به ا.هـ.
[تفسير قوله تعالى: {وذروا الذين يلحدون في أسمائه}]
وقوله تعالى: {وذروا الذين يلحدون في أسمائه} (الأعراف/180) قال ابن عباس وابن جريج ومجاهد: هم المشركون عدلوا بأسماء الله تعالى عما هي عليه فسموا بها أوثانهم فزادوا ونقصوا, فاشتقوا اللات من الله والعزى من العزيز ومناة من المنان . وقيل هي تسميتهم الأصنام آلهة , وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما يلحدون في أسمائه أي يكذبون . وقال قتادة: يلحدون يشركون في أسمائه . وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: الإلحاد التكذيب , وأصل الإلحاد في كلام العرب العدول عن القصد والميل والجور والانحراف ومنه اللحد في القبر لانحرافه إلى جهة القبلة عن سمة الحفر ا.هـ. وهذه الأقوال متقاربة, والإلحاد يعمها وهو ثلاثة أقسام :
الأول: إلحاد المشركين وهو ما ذكره ابن عباس وابن جريج ومجاهد من عدولهم بأسماء الله تعالى عما هي عليه وتسميتهم أوثانهم بها مضاهاة لله عز وجل ومشاقة له وللرسول صلى الله عليه وسلم .
الثاني: إلحاد المشبهة الذين يكيفون صفات الله عز وجل ويشبهونها بصفات خلقه مضادة له تعالى وردا لقوله عز وجل: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شيء وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْما} وهو مقابل لإلحاد المشركين فأولئك جعلوا المخلوق بمنزلة الخالق وسووه به, وهؤلاء جعلوا الخالق بمنزلة الأجسام المخلوقة وشبهوه بها تعالى وتقدس عن إفكهم .
الثالث: إلحاد النفاة, وهم قسمان : قسم أثبتوا ألفاظ أسمائه تعالى دون ما تضمنته من صفات الكمال فقالوا رحمن رحيم بلا رحمة, عليم بلا علم, حكيم بلا حكمة, قدير بلا قدرة, سميع بلا سمع, بصير بلا بصر, واطردوا بقية الأسماء الحسنى هكذا وعطلوها عن معانيها وما تقتضيه وتتضمنه من صفات الكمال لله تعالى, وهم في الحقيقة كمن بعدهم وإنما أثبتوا الألفاظ دون المعاني تسترا وهو لا ينفعهم .
وقسم لم يتستروا بما تستر به إخوانهم بل صرحوا بنفي الأسماء وما تدل عليه من المعاني واستراحوا من تكلف أولئك وصفوا الله تعالى بالعدم المحض الذي لا اسم له ولا صفة وهم في الحقيقة جاحدون لوجود ذاته تعالى مكذبون بالكتاب وبما أرسل الله به رسله. وكل هذه الأربعة الأقسام كل فريق منهم يكفر مقابله, وهم كما قالوا كلهم كفار بشهادة الله وملائكته ورسله والناس أجمعين من أهل الإيمان والإثبات الواقفين مع كلام الله تعالى وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه أجمعين .
(صفاته العلى) أي إثبات صفاته العلى التي وصف بها نفسه تعالى ووصفه بها نبيه صلى الله عليه وسلم من صفات الكمال ونعوت الجلال, من صفات الذات وصفات الأفعال, مما تضمنته أسماؤه بالاشتقاق كالعلم والقدرة والسمع والبصر والحكمة والرحمة والعزة والعلو وغيرها, ومما أخبر به عن نفسه وأخبر بها عنه رسوله صلى الله عليه وسلم ولم يشتق منه اسما كحبه المؤمنين والمتقين والمحسنين ورضائه عن عباده المؤمنين ورضاه لهم الإسلام دينا, وكراهته انبعاث المنافقين وسخطه على الكافرين وغضبه عليهم وإثبات وجهه ذي الجلال والإكرام ويديه المبسوطتين بالإنفاق وغير ذلك مما هو ثابت في الكتاب والسنة والفطر السليمة, وسيأتي الكلام على ما ذكر من ذلك في المتن في محله وما لم يذكر في المتن ففي خاتمة الباب إن شاء الله تبارك وتعالى .
| |
| | | ابن الاثير المدير العام
الادارة عدد الرسائل : 1556 العمر : 59 الموقع : aziz22.ahlamontada.com تاريخ التسجيل : 16/05/2008
| موضوع: رد: [أسماء الله غير مخلوقة] الخميس يونيو 19, 2008 4:31 pm | |
| الله عز وجل ولم يزل به ثم قال سبحان الله ومن يشك في هذا ثم تكلم أبو عبدالله مستعظما للشك في ذلك فقال سبحان الله أفي هذا شك قال الله تبارك وتعالى ألا له الخلق والأمر من الآية 54 7 وقال الرحمن علم القرآن خلق الإنسان 1 2 3 55 ففرق بين الإنسان وبين القرآن فقال علم خلق فجعل يعيدها علم خلق أي فرق بينهما قال أبو عبدالله والقرآن علم الله ألا تراه يقول علم القرآن والقرآن فيه أسماء الله عز وجل أي شيء يقولون لا يقولون إن أسماء الله غير مخلوقة لم يزل الله قديرا عليما عزيزا حكيما سميعا بصيرا لسنا نشك أن أسماء الله عز وجل غير مخلوقة لسنا نشك أن علم الله عز وجل غير مخلوق فالقرآن من علم الله وفيه أسماء الله فلا نشك أنه غير مخلوق وهو كلام متكلما ثم
| |
| | | ابن الاثير المدير العام
الادارة عدد الرسائل : 1556 العمر : 59 الموقع : aziz22.ahlamontada.com تاريخ التسجيل : 16/05/2008
| موضوع: رد: [أسماء الله غير مخلوقة] الخميس يونيو 19, 2008 4:34 pm | |
|
دليل آخر وقال الله تعالى قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد سورة الإخلاص ورقمها 112 فكيف يكون القرآن مخلوقا وأسماء الله في القرآن هذا يوجب أن تكون أسماء الله مخلوقة ولو كانت أسماؤه مخلوقة لكانت وحدانيته مخلوقة وكذلك علمه وقدرته تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا
دليل آخر وقد قال الله تعالى تبارك اسم ربك من الآية 78 55 ولا يقال لمخلوق تبارك فدل هذا على أن أسماء الله غير مخلوقة وقال ويبقى وجه ربك من الآية 27 55
| |
| | | أمــــ الجبار ـــــة ادارية
عدد الرسائل : 121 العمر : 50 تاريخ التسجيل : 20/05/2008
| موضوع: رد: [أسماء الله غير مخلوقة] الثلاثاء يونيو 24, 2008 2:53 pm | |
| شكرا لك اخي الكريم على مرورك العطر بارك الله فيك وجزاك الله خيرا | |
| | | | [أسماء الله غير مخلوقة] | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
|