ابن الاثير المدير العام
الادارة عدد الرسائل : 1556 العمر : 59 الموقع : aziz22.ahlamontada.com تاريخ التسجيل : 16/05/2008
| موضوع: ======= تقرر فتوى ===== الإثنين يونيو 16, 2008 5:19 pm | |
| تـقـريـر : الشيخ / عبدالرحمن بن سعد الشثري الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : لقد جاء في الفتوى الصادرة من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برقم 2123 ج1/235 برئاسة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : ( لا يجوز للمسلم القيام إعظاماً لأي عَلَمٍ وطنيٍّ , أو سلامٍ وطنيٍّ , بل هو من البدع الْمُنكرة التي لَم تكن في عهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم , ولا في عهد خلفائه الراشدين رضي الله عنهم , وهي مُنافيةٌ لكمال التوحيد الواجب وإخلاص التعظيم لله وحده ، وذريعةٌ إلى الشرك ، وفيها مشابهةٌ للكفار وتقليدٌ لهم في عاداتهم القبيحة , ومجاراة لهم في غُلُوِّهم في رؤسائهم ومراسيمهم ، وقد نهى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن مشابهتهم أو التشبُّه بهم ) انتهى .
وجاء في الجواب على السؤال الثالث من الفتوى رقم 5963 ج1/236 برئاسة سماحته أيضاً : ( لا تجوز تحيَّة العَلَم ، بل هي بدعة مُحدثة ، وقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : ** مَنْ أحدثَ في أمرنا هذا ما ليسَ منه فهو رَدٌّ } .. ) انتهى .
وقال سماحة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان – عضو هيئة كبار العلماء - وفقه الله : ( وأما تحية العلم : فالتحية تأتي بمعنى التعظيم , ولا تكون تحية التعظيم إلا لله كما نقول في تشهدنا في الصلوات : التحيات لله , أي : جميع التعظيمات لله سبحانه ملكاً واستحقاقاً , فهي تحية تعظيم وليست تحية سلام ، فالله يُحيَّا ولا يُسلَّمُ عليه ، وتأتي التحية بمعنى السلام الذي ليس فيه تعظيم , وهذه مشروعة بين المسلمين ، قال تعالى : ** فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً } , وقال تعالى : ** وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا } , وقال تعالى عن أهل الجنة : ** تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ } وقال تعالى : ** تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ } , وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ** ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ، أفشوا السلام بينكم } فالسلام إنما يكون بين المسلمين ولا يكون السلام على الجمادات والخرق ونحوها , لأنه دعاء بالسلامة من الآفات ، أو هو اسم من أسماء الله يدعو به المسلم لأخيه المسلم عليه ليناله من خيراته وبركاته , والمراد بتحية العلم الآن : الوقوف إجلالاً وتعظيماً له ، وهذا هو الذي أفتت اللجنة الدائمة بتحريمه لأنه وقوف تعظيم ، فإن قيل : إن في تحية العلم احتراماً لشعار الحكومة ؟ فنقول : نحن نحترم الحكومة بما شرعه الله من السمع والطاعة بالمعروف , والدعاء لهم بالتوفيق ، واللجنة حينما تُبيِّنُ هذا للمسلمين إنما تُبيِّنُ حكماً شرعياً يجب علينا جميعاً حكومة وشعباً امتثاله ، وحكومتنا - حفظها الله وبارك فيها - هي أولُ مَن يمتثل ذلك , هذا ما أردت بيانه خروجاً من إثم الكتمان ) جريدة الجزيرة عدد 11989 يوم الثلاثاء 20/6/1426 هـ .
وقال سماحته أيضاً : ( طاعة الدولة واجبة فيما لا يُخالف الشرع , وهي لا تريد مخالفة الشرع في جميع أنظمتها , وأيضاً : تحية العلم قد صدر بتحريمها فتوى شرعية من جهة رسمية نصبتها الدولة وعيَّنت فيها الْمُفتين .. وهل القيام للعلم إذاً من باب العبث ؟ لا إنما هو نوعٌ من التعظيم ، والتحيات في الأفعال من القيام والركوع والسجود وغير ذلك كلُّها لله ، كما في الحديث الصحيح : ** التحيات لله } قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في آداب المشي إلى الصلاة : أي جميع التحيات لله استحقاقاً وملكاً , قال الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي البلاد السعودية رحمه الله في شرحه : أي : جميع التحيات لله استحقاقاً وملكاً , يعني : أنَّ الربَّ جلَّ وعلا هو المستحق لجميع التعظيمات , لأنه الكبير الذي لا أكبر منه ، والجليل الذي لا أجلَّ منه , انتهى ... ولَمَّا صلَّى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في بيته جالساً لمرض أصابه ، وقام مَن حضر خلفه يُصلُّون قياماً أشار إليهم أن اجلسوا , ولَمَّا سلَّم من صلاته قال : ** كدتم آنفاً أن تفعلوا فعلَ فارس والروم , يقومون على ملوكهم وهم جلوس } فهذا يدلُّ على تحريم التشبه بفارس والروم في قيامهم على ملوكهم تعظيماً لهم ، فدلَّ ذلك على أمرين : تحريم القيام تعظيماً للمخلوق , وتحريم التشبه بالكفار ) جريدة الجزيرة عدد 12017 يوم 18/7/1426 هـ .
ومع ما تقدَّم : فهذا الأمر أيضاً مُخالف للمواد التالية من النظام الأساسي للحكم الصادر بالأمر الملكي رقم : أ/90 وتاريخ 27/8/1412 هـ فهو مُخالفٌ للمادة السابعة , فجميع الأنظمة خاضعة للكتاب والسنة , ومُخالفٌ للمادة الثانية عشرة , فهو مِمَّا يُسبِّبُ الفرقة والفتنة والانقسام , ومُخالفٌ للمادة الثالثة والعشرين , فهو ليس أمراً بالمعروف ولا نهياً عن المنكر .
وأيضاً : فإنَّ هذا النشيد الوطني عندما يُذاعُ في وسائل الإعلام يُصاحبه موسيقى , ويألفه الطالب , وفي مثل هذا يقول الملك عبد العزيز رحمه الله : وقد وصف الملك عبد العزيز رحمه الله الغناء بقوله : ( إنها – يعني الموسيقى – ولو كانت مُسَلِّيةً للجند ومُنظَِّمة لسيرهم فإنها تُلهي عن ذكر الله في البلاد التي أوجدها الله لذكره ) مجلة المنار ج3 مجلد 27 ص162 , وكتاب : عناية الملك عبد العزيز بالعقيدة السلفية للشيخ محمد الخميس ص75 .
أخي الكريم لقد روى البخاري رحمه الله موقوفاً : ( إنَّ الله لَم يجعل شفاءكم فيما حرَّم عليكم ) فليس في ترديد الطلاب والطالبات كلَّ صباحٍ لِما يُسمَّى بالنشيد الوطني علاجاً للمذاهب المنحرفة من علمانية , وخوارج , وشيعة , ومرجئة , وصوفية , وقومية .. إلخ , وليس علاجاً للكبائر من الذنوب من قتلٍ , وزناً , ولواطٍ , وسرقةٍ , وعقوقٍ , ورشوةٍ , ودياثةٍ , وتبرُّجٍ , وكذبٍ , وغيبة .. , وليس فيه ( غرساً للوطنية ورموزها في أفئدة الطلبة , وترسيخ الحس الوطني في الأجيال القادمة ) يُنظر : جريدة الجزيرة عدد 11780 في 17/11/1425هـ . وقد يقول قائل من المعلمين أو المعلمات : لا نستطيع ترك هذا المنكر خوفاً على وظائفنا ؟ . والجواب : إنَّ في المعرفة بحكم ما ذُكر : معرفة القبيح , والإيمان بذلك , فإنَّ نفس العلم والإيمان بحرمة ذلك وإنْ لَمْ يُترك العمل به خير من عدم العلم بحرمته , بلْ فائدةُ العلم والإيمان أعظمُ من فائدة مجرَّد العَمَلِ الذي لَمْ يقترن به عِلْمٌ , فإنَّ الإنسان إذا عرَفَ المعروفَ , وأنكرَ المنكرَ : كانَ خيراً مِنْ أنْ يكونَ ميِّتَ القلب , لا يعرفُ معروفاً ولا يُنكر منكراً , ألا ترونَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : ( مَنْ رأى منكم مُنكراً فليغيره بيده , فإنْ لَمْ يستطع فبلسانه , فإنْ لَمْ يستطع فبقلبه , وذلكَ أضعفُ الإيمان ) رواه مسلم ح49 بابُ بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان , وأنَّ الإيمان يزيد وينقص , وأنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان .
وفي لفظ : قال صلى الله عليه وسلَّم : ( مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ الله في أُمَّةٍ قبلِي إلاَّ كانَ له مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وأَصحابٌ يَأخذُونَ بسُنَّتِهِ ويَقتدُونَ بأَمْرِهِ , ثُمَّ إِنَّهَا تَخلُفُ مِن بَعْدهِمِ خُلُوفٌ , يقولونَ مَا لا يفعلونَ , ويَفعلونَ ما لا يُؤمَرُونَ , فمَنْ جاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُْوَ مُؤْمنٌ , ومَنْ جاهَدَهُمْ بلسانهِ فهو مؤمنٌ , ومَنْ جاهدهم بقلبه فهو مؤمنٌ , وليسَ وراءَ ذلكَ مِنَ الإيمانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ ) رواه مسلم ح50 بابُ بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان , وأنَّ الإيمان يزيد وينقص , وأنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان .
وإنكارُ القلب هو : الإيمانُ بأنَّ هذا منكرٌ , وكراهته لذلك , فإذا حصلَ هذا , كانَ في القلب إيمانٌ , وإذا فَقَدَ القلبُ معرفة هذا المعروف وإنكار هذا المنكر , ارتفعَ هذا الإيمانُ من القلب .
وأيضاً : فقد يستغفرُ الْمُعلِّم الذي يُلزم الطلاب بتحية العلم مع إصراره عليه , أو يأتي بحسناتٍ تمحوه , أو تمحو بعضه , وقد يُقلِّلُ منه , وقد تَضعف همته في طلبه إذا عَلِمَ أنه منكر . ثمَّ لو فُرضَ أننا علمنا أنَّ بعض الْمُعلِّمينَ لا يتركونَ إلزام الطلاب بتحية العلم , ولا يعترفونَ بأنه منكرٌ , لَمْ يكن ذلك مانعاً من إبلاغ الرسالة وبيان العلم , بل ذلك لا يُسقطُ وجوبَ الإبلاغ , ولا وجوبَ الأمر والنهي في إحدى الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله , وقولِ كثيرٍ من أهل العلم , على أنَّ هذا ليس موضع استقصاء ذلك , ولله الحمد على ما أخبرَ به النبيُّ صلى الله عليه وسلم من أنه : لا تزالُ مِنْ أُمته طائفة ظاهرة على الحق حتى يأتي أمر الله , وليس هذا الكلام من خصائص هذه المسألة , بل هو واردٌ في كلِّ منكرٍ قد أخبرَ الصادقُ صلى الله عليه وسلم بوقوعه ( يُنظر : اقتضاء الصراط المستقيم ج 1/147-149 ) . فنأملُ من العلماء والأمراء - وفقهم الله – كلٌ على حسب وسعه : السعي لإنهاء هذا المنكر لِما أخذَ الله عليهم من الأمانة .
ورحمَ الله الملك عبد العزيز القائل : ( فوالله إذا رأيتُ الحقَّ أتبعه , لأني مسترشدٌ ولست بمستنكف , ومَن رأى شيئاً وكتمه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ) مختارات من الخطب الملكية ج1/66-67 . وفقنا الله وإياكم للإيمان , والعمل الصالح , والتواصي بالحقِّ , والصبر على الأذى فيه . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
| |
|